تسهم الابتكارات التكنولوجية في تغييرات هائلة، ولا يُستثنى من ذلك الذكاء الاصطناعي الذي يعد من أكبر المتطلبات التقنية. ومع تزايد استخدام تقنيات مثل ChatGPT و Gemini AI، يبرز سؤال مهم: ما هو تأثير استهلاك الطاقة من الذكاء الاصطناعي على البيئة؟ رغم أن بعض نماذج الذكاء الاصطناعي قد تكون مجانية الاستخدام للمستخدمين، إلا أن تشغيلها يتطلب قوة حوسبة هائلة، مما يسبب ضغطًا على الشبكات الكهربائية. فما هو تأثير استهلاك هذه التقنيات للطاقة، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على البيئة بشكل عام؟
1. استهلاك الطاقة من ChatGPT
من المعروف أن نماذج الذكاء الاصطناعي تتطلب طاقة ضخمة لأغراض التدريب والاستدلال. على سبيل المثال، احتاج GPT-3 إلى حوالي 1300 ميجاواط ساعة من الكهرباء للتدريب، ما يعادل استهلاك 120 منزلًا في السنة. وهذا يوضح أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية؛ بل هو مستهلك كبير للطاقة.
وفي الوقت ذاته، يواجه الذكاء الاصطناعي تحديات مستمرة في توفير طاقة كافية لعمليات الاستدلال، حيث تستخدم هذه العمليات مراكز بيانات ضخمة وموزعة على مستوى العالم.
2. استدلال الطاقة: خوادم مراكز البيانات
تتطلب عملية استدلال الذكاء الاصطناعي، والتي تتم عبر مراكز البيانات، كمية هائلة من الطاقة. على سبيل المثال، تحتاج مراكز البيانات التي تشغل نماذج مثل ChatGPT إلى خوادم متطورة تعتمد على معالجات مثل Nvidia H100، التي تستهلك ما يصل إلى 700 واط لكل شريحة. ومع ازدياد عدد مراكز البيانات، يتزايد الاستهلاك بشكل كبير، ما يثير القلق بشأن آثار ذلك على البيئة.
3. التقديرات المستقبلية لاستهلاك الطاقة
بحلول عام 2027، تشير بعض الدراسات إلى أن صناعة الذكاء الاصطناعي قد تستهلك نحو 0.5% من إجمالي استهلاك الكهرباء العالمي. هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يستهلك طاقة تعادل 85-134 تيراواط ساعة سنويًا، وهو ما يعادل استهلاك دول بأكملها مثل هولندا و بنغلاديش.
4. مقارنة استهلاك الكهرباء مع الصناعات الأخرى
على الرغم من استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة، إلا أنه لا يزال أقل من استهلاك بعض الصناعات الأخرى. على سبيل المثال، تستهلك مراكز البيانات التي تدير الإنترنت بشكل عام كمية من الكهرباء تفوق تلك التي يستهلكها الذكاء الاصطناعي. في عام 2019، استهلكت Netflix وحدها ما يكفي من الكهرباء لتشغيل 40,000 منزل.
5. التوجه نحو الطاقة المتجددة
تسعى الشركات الكبرى مثل جوجل و مايكروسوفت إلى تحسين استدامة مراكز بياناتها، حيث تهدف جوجل إلى تشغيل جميع مراكز بياناتها بالطاقة الخالية من الكربون بحلول عام 2030. حاليًا، توفر 64% من استهلاك الكهرباء في مراكز بيانات جوجل من مصادر طاقة خضراء.
6. زيادة الكفاءة والابتكارات المستقبلية
تعمل الشركات على تطوير نماذج أصغر وأكثر كفاءة، مثل GPT-4o mini، التي تعد أكثر كفاءة في استخدام الطاقة مقارنة بنماذج أكبر مثل GPT-3 Turbo. وفي المستقبل، قد نشهد تحولًا نحو المعالجات المحلية على الأجهزة، مما سيساعد في تقليل استهلاك الطاقة.
7. التحديات البيئية
رغم التقدم في كفاءة الطاقة، يبقى التساؤل حول التأثير البيئي للذكاء الاصطناعي قائمًا. البصمة الكربونية لنماذج الذكاء الاصطناعي ليست مقتصرة فقط على استهلاك الكهرباء، بل تشمل أيضًا الجوانب الأخرى مثل استخراج المواد الخام لصناعة المعدات.
الخلاصة:
بينما يستمر الذكاء الاصطناعي في الازدهار واستخدامه في العديد من الصناعات، يبقى استهلاك الطاقة من أبرز التحديات البيئية التي تواجهه. ومع تطوير تقنيات أكثر كفاءة والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، يمكن تقليل هذه التأثيرات البيئية بشكل ملحوظ في المستقبل.